•  الشاعر نزارقباني
  •  
 الكاتب يوسف القعيد
  •  الدولة الأموية
  •  الخلافة الراشدة

أسطورة منزل أميتي فيل


لعله أشهر منزل في أمريكا على الإطلاق , بل و لعله أشهر منزل في العالم كله , لكنه لم يكتسب هذه الشهرة لأسباب صحية إن جاز لنا القول , بل لأنه المنزل الذي شهد أحداثًا لا يمكن وصفها إلا بأنها الهول ذاته ..و قبل أن نحكي قصة هذا المنزل دعنا نستعرض تاريخه معًا , و بسرعة ..

* ميلاد منزل :

في الرابع عشر من يناير من عام 1925 قرر الزوجان ( جون ) و (
كاترين مويناهان ) ابتياع قطعة أرض في مدينة ( لونج آيلاند ) , ليبنيا عليها منزل صغير يعيشان فيه , و بعد عدة شهور كان المنزل الريفي الذي استطاعا بناءه هو مقرهما البسيط و السعيد لعدة سنوات , أخذت فيها عائلتهما في الزيادة , و بدا من الواضح أن منزل العائلة الريفي لن يكفي الجميع , و هكذا لم يجد الزوج ( جون مويناهان ) سوى أن يستعين بأحد المهندسين المعمارين ليحل له هذه المشكلة , و بعد بحث طويل و مناقشات أطول , كان د اتفق مع المهندس المعماري ( جيمس بيردي ) على أن يبني له منزلاً كبيرًا على شكل المستعمرات الهولندية و على نفس مساحة الأرض , و انتقل هو و عائلته إلى الأرض المجاورة , ليسكنا هناك حتى ينتهي المهندس ( جيمس ) من هذا التحدي .
و بعد عدة سنوات كان منزل ( أميتي فيل ) يقف شامخًا على الأرض المخصصة له , بعد عمل مضن طويل انتهى بهذه التحفة المعمارية التي قدر لها أن تغدو من أشهر منازل الرعب فيما بعد ..
عاشت الأسرة في المنزل حتى مات الأبوان , ليتركا المنزل الضخم إلى الإبنة ( الين ) التي لم تلبث أن باعته إلى الزوجين ( جو زيف ) و ( ماري ريلي ) في السابع عشر من أكتوبر لعام 1960 , و عاشت الأسرة الجديدة في المنزل إلى أن انفصلا , ليتركا المنزل , و لتشتريه بعد ذلك عائلة ( ديفو ) في الثامن عشر من شهر مايو لعام 1965.
من هذا التاريخ تبدأ المأساة , لكن دعنا نتعرف أولاً على أفراد هذه العائلة .. عائلة ( ديفو ) ..
• العائلة :
1- الزوج ( رونالد ديفو الأكبر ) : هو ابن كل من ( روكو ) و ( أنطونيت ديفو ) , كان يعمل كمدير تنفيذي لوكالة ( بريجانيت – كارل بويك ) التي كان يملكها زوج والدته و أبو زوجته ( لويز ) .. كان ( رونالد الأكبر ) زوجًا صارمًا مخيفًا , يقول عنه أقاربه أنه يتحول من انسان عاقل إلى حيوان هائج عند أقل استفزاز .. حيوان وزنه مائتان و ثمانون باوندًا ..
2- الزوجة ( لويز ديفو ) : ابنة ( مايكل ) و ( انجيلا بريجانيت ) الأثيرة , و الزوجة المخلصة التي تحملت زوجها لسنوات طويلة في صمت , إذ كانت تتعرض إلى الضرب المبرح منه بصفة دورية , دون أن تجرؤ حتى على الشكوى , معتقدة أن زوجها دائمًا على صواب .. يذكر عنها أنها هشمت زجاجة شراب على رأس ابنها ( رونالد الأصغر ) حين حاول منع والده ذات مرة من ضربها .
3- الإبن ( رونالد الأصغر ) : أكبر الأخوة , و كان مراهقًا حين انتقل مع أسرته إلى ( اميتي فيل ) , لذا كان يحمل كل عيوب المراهقة المتوقعة في المجتمع الأمريكي .. مخدرات .. تسكع .. عدة سرقات .. لكنه فيما عدا ذلك كان طبيعيًا و عاديًا تمامًا .. أي أنه لم يكن مريضًا نفسيًا , أو شيطان قادم الجحيم , مما لا يمنحنا مبررًا منطقيًا لما فعله !! .. كان يخشى والده بشدة , و نادرًا ما كان يحاول منعه من ممارسة هوايته المفضلة في ضربهم .
4- الابنة ( دونا ) : كانت في الثامنة عشر من العمر , و كانت تدرس في مدرسة ( كاثرين جيبز ) , و كانت على علاقة بأحد أصدقائها في المدرسة .. صديق كانت تنوي الهرب معه من والدها إلى فلوريدا , لولا أن اكتشف والدها هذا المخطط ليحبطه بقسوة , و لولا ما حدث بعد ذلك من أحداث مؤسفة للجميع !
5- الابنة ( اليسون ) : الأخت الصغرى ذات الثلاثة عشر ربيعًا , و و التي لم تكن تهوى شيئًا سوى الجلوس و حل الألغاز , كحل مثالي للإبتعاد عن مشاكل الأسرة و عن ضرب والدها المستمر , لكنها كانت على عكس أختها , أكثر رقة و أنوثة , كما كانت الأقرب إلى قلب ( رونالد الأصغر ) .
6- الابن ( مارك ) : ذو الثلاثة عشر عامًا و المغرم بالألعاب و البرامج الرياضية , و حينما حدث ما حدث , كان يتعافى من إصابة أقعدته , و أجبرته على استخدام العكاز و الكرسي المتحرك .
7- و أخيرًا ( جون ) : هو أصغر و أطرف أعضاء هذه العائلة .. دائمًا يجري هنا و هناك , و ربما صحبه كلب العائلة ذو الشعر الطويل ( شاجي ) في مرحه المستمر هذا , و ربما لا ... خلاصة القول لقد كان ( جون ) طفلاً .. كان !!
و الآن و قد تعرفنا على المنزل و على العائلة , حان الوقت لنعرف ما الذي حدث بالضبط ..
* ما حدث :
الساعة الآن الثالثة صباحًا من يوم الأربعاء 13 نوفمبر لعام 1974 .. هذا هو الوقت الذي سمع في الجيران صوت الطلقات النارية يهز سكون الليل بقسوة ..
بعد قليل كان أحدهم يتصل برقم الطواريء الشهير ( 911 ) , و هاك نص المكالمة التي دارت :
الرجل : لدينا طلق ناري هاهنا ... إنهم آل ( ديفو ) .
عامل الاتصال : سيدي .. اهدأ رجاءً .. ما هو اسمك ؟
الرجل : جوي يسويت
عامل الاتصال : هل تستطيع أن تتهجأ اسمك ؟
الرجل : ي .. س .. و ..ي .. ت
عامل الاتصال : يسويت .. عظيم .. ما هو رقم تليفونك يا سيدي ؟
الرجل : لا أعرف الرقم هنا ..
عامل الاتصال : لا بأس .. من أين تتحدث ؟؟
الرجل : إنني أتصل من ( أميتي فيل ) .. أرسل أحدهم فورًا .. العنوان ( 112 شارع اوشن أفينو )
عامل الاتصال : ما المشكلة يا سيدي بالضبط ؟!
الرجل : هناك طلق ناري حدث هنا ..
عامل الاتصال : هل هناك أحد مصاب يا سيدي ؟
الرجل : الجميع ... الجميع قتلى ..
عامل الاتصال : ما الذي تعنيه بأن الجميع قتلى ؟!!
الرجل : لست أعرف .. أحد الأطفال جاء يصرخ بأن الجميع قتلوا , و حين دخلت لأرى ما حدث .. لقد .. لقد مات الجميع ..
عامل الاتصال : ما هو عدد الجثث بالضبط ؟!
الرجل : لا أعرف .. أربعة ..
لكن الرجل كان مخطئًا هذه المرة , فحين وصلت قوات الشرطة و الإسعاف , وجدت ست جثث لا أربعة .. كل أفراد عائلة ( ديفو ) عدا ( رونالد الأصغر ) الوحيد الذي كان مختفيًا في هذا الوقت .. لماذا ؟!!
لأنه القاتل ... قاتل عائلته كلها !!!
• كيف ؟ و متى ؟؟ و لماذا ؟؟!!
متى ؟؟ الكارثة حدثت في تلك الليلة و قبل الإتصال بفترة قصيرة ... كيف ؟؟ هذا الذي استغرق الجميع وقتًا طويلاً لمعرفته , و وقتًا أطول لتصديقه ..!!
في تلك الليلة خلد جميع أفراد عائلة ( ديفو ) إلى النوم مبكرًا كعادتهم , عدا ( رونالد الأصغر ) الذي ظل أمام التلفاز ليشاهد فيلم السهرة ( Castle Keep ) , و ما أن انتهى الفيلم حتى تناول بندقيته الأثيرة – إذ كان يعرف عنه عشقه للأسلحة النارية – و اتجه إلى غرفة والديه ليقضي عليهما بأربع طلقات صائبة .. ثم و بهدوء و ثقة واصل طريقه إلى غرفة الفتاتين ( دونا ) و ( أليسون ) اللتين كانتا قد استيقظتا مع صوت الرصاص , ليجدا هذا الكابوس المسمى ( رونالد الأصغر ) يدخل عليهما , و الأدخنة تتصاعد من فوهة بندقيته , ليقضي عيهما دون أن ينطق بحرف واحد , و دون أن يتأثر جمود ملامحه لحظة ..
بعد ذلك اتجه ( رونالد ) إلى غرفة الصبيين لينهي مهمته بهدوء تام ..
ربما كان من القسوة ذكر تلك الملحوظة , لكن الطبيب الشرعي أعلن فيما بعد أن الأطفال كانوا قد أصيبوا بحالة رعب هائلة أصابتهم بشلل مؤقت , و هذا يفسر وجود جثثهم على أسرتهم , كأنهم لم يحاولا الهرب حين سماع صوت الطلقات ... باقي تقرير الطبيب الشرعي يحمل تفاصيل أخرى أشد هولاً , لو كنت متحمسًا لمعرفتها , فيمكنك الذهاب إلى موقع ( لتظهر الروابط ضع ردا لائقا ) لكن لا مجال لذكر هذه التفاصيل هنا ..
المهم .. بعد أن نفذ ( رونالد الأصغر ) جريمته هذه , استحم و بدّل ملابسه , ثم اتجه إلى مك نفايات بعيد ألقى فيه سلاحه و ملابسه الملوثة بالدماء , ثم قضى ليلته مع أصدقاءه في تعاطي المخدرات , و في اليوم التالي عاد ليجد قوات الشرطة و فريق المعمل الجنائي في منزله , ليتصنع المفاجأة و الحزن على عائلته التي خطفها القدر منه في ليلة !!
و الواقع أن الشرطة لم تشك فيه في البداية , بل أنها وجهت ظنونها إلى فرق الجريمة المنظمة التي كانوا يعرفون أن ( رونالد الأصغر ) مستهدف منها لعلاقاته المشبوهة معهم , و قدّروا أن الجريمة كلها عملية انتقامية , لكنهم حين بدأوا التحقيق الروتيني مع ( رونالد ) أخذت قواله تتضارب و أخذت ردود أفعاله العصبية توجه الشكوك نحوه , فأخذ المحققون يضغطون عليه بقسوة , حتى انهار أخيرًا ليهتف :
- نعم قتلتهم .. لو لم أفعلها لقتلوني هم ..
و بعد اعترافه الرهيب هذا , روى لهم عن تفاصيل الجريمة , و قادهم إلى مكان سلاح الجريمة , ليتم سجنه حتى تمت محاكمته في الرابع عشر من أكتوبر لعام 1975 .
في تلك المحاكمة كان أداء ( رونالد الأصغر ) الذي تراوح من الهدوء الشديد و الإستهزاء بجريمته , و إلى حالات من الصراخ الهستيري و محاولة الهجوم على المدعي العام , سببًا في أن استعانوا بطبيب نفسي ليقرر ما إذا كان ( رونالد ) مجنونًا و لا يصلح للمحاكمة و بعد فحص مرهق أعلن الطبيب أنه ( غير متزن عقليًا ) لكنه كان يدرك ما يفعله حين قتل أسرته بوحشية , بينما ظل ( رونالد ) متمسكًا بدفاعه الوحيد و هو أنه نفذ جريمته دفاعًا عن النفس !!
و هكذا و بعد أن استغرقت المحاكمة عدة أشهر تم الحكم على ( رونالد الأصغر ) بالسجن لمدة خمسة و عشرين عامًا .. تبدو هذه النهاية إذن , لكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد ..
• أشياء أخرى :
نظرًا للسمعة السيئة التي حظى بها منزل ( أميتي فيل ) بعد هذا الحادث , انخفض سعره إلى الحد الذي أغرى الزوجين ( جورج ) و ( كاثلين لوتز ) , و دفعهما إلى تجاوز القصص التي تحكى عن المنزل , ليشترياه بثمن معقول و ليقيما فيه .. كان هذا بعد مرور عامين على الحادث الرهيب ..
و بعد ثمان و عشرين يومًا فحسب , كان الزجان يهربان من المنزل في منتصف الليل و هما يصرخان بهستيريا , و معلنان أن المنزل مسكون , و أن أرواح أفراد عائلة ( ديفو ) لا تزال تجول المنزل كأنها لا تزال حية و تسكن فيه !!
بالطبع أثارت قصتهما الجميع , و بدأت الشائعات تنتشر كالنار في الهشيم , مما أغرى الكاتب ( جاي آنسون ) بالذهاب إلى هذا المنزل الرهيب , ليقضي فيه بعض ليالي بمفرده , خرج في نهايتها و قد كتب كتابه الشهير ( رعب أميتي فيل The Horror of Amityville ) الكتاب الذي حقق أعلى المبيعات , و قد كان من حسن حظ الكتاب أن فيلم ( طارد الأرواح الشريرة Exorcist ) قد صدر منذ عامين فحسب , و لا يزال نجاحه على أوجه , مما مهد الطريق لهذا الكتاب الذي يتحدث عن جريمة رهيبة و منزل مسكون و استحواذ شيطاني قد يكون هو دافع ( رونالد الأصغر ) في ارتكاب جريمته ..
و في عام 1979 قام المخرج ( ستيوارت روزنبرج ) بتحويل القصة إلى فيلم سينمائي ناجح , يحمل ذات الإسم , و كما هو معتاد توالت الأفلام و الكتب و كلها تحمل نظريات جديدة و مخيفة لتفسير كيف يقوم شاب مثل ( رونالد الأصغر ) بارتكاب جريمة بهذه البشاعة ..
و ازدادت شهرة المنزل في هذا الوقت , حتى تحول إلى مزار سياحي يقصده الجميع منكل مكان , ليلتقطوا الصور له , و ليحولوه إلى ما نسميه نحن المنزل الأسطورة , أو منزل الرعب , أيهما يروقك ..
بقى أن نقول أن ( رونالد الأصغر ) تم الإفراج عنه في أوائل 2001 و قد نسيه الجميع , و إن كان هو الوحيد الذي يحمل السر المخيف ..
سر ما حدث هناك ..
في ( أميتي فيل ) ..

Blogroll

توفيق الحكيم
 احسان عبد القدوس
محمد حسانين هيكل
 اجاثا كريستي
توفيق الحكيم
 احسان عبد القدوس
محمد حسانين هيكل
 اجاثا كريستي
توفيق الحكيم
 احسان عبد القدوس
محمد حسانين هيكل
 اجاثا كريستي