•  الشاعر نزارقباني
  •  
 الكاتب يوسف القعيد
  •  الدولة الأموية
  •  الخلافة الراشدة

روميل .. ثعلب الصحراء


وُلِدَ إيرفن روميل في الخامس عشر من نوفمبر 1891م، بمدينة هايدنهايم، وسط أربع أشقاء، كان والده يعمل مدرسًا بإحدى المدارس الثانوية، شغف روميل بصناعة المناطيد والهندسة، وأراد أن يحقق طموحه في هذا
المجال، إلا أن والده عارض ذلك، مما جعله يغير مساره ويتجه إلى المجال العسكري، والذي دخل فيه عام 1910م، حصل روميل على رتبة ملازم في الخامسة والعشرين من عمره، وقام بتدريب المجندين في سلاح المشاة بإحدى البلدات الصغيرة جنوب ألمانيا.

بداية حياته العسكرية:
اندلعت شرارة الحرب العالمية الأولى عام 1914م، والتي شارك فيها روميل، وحصل على وسام الصليب الحديدي عام 1915م، وعقب انتهاء الحرب ووقوع الهزيمة تم توقيع معاهدة “فرساي”، والتي حددت عدد الجيش الألماني بمائة ألف رجل، ظل روميل في المجال العسكري، ولكن في مجال التدريس العسكري، ففي عام 1920م أصبح محاضرًا في مدرسة تدريب المشاة، ثم رقي ليصبح محاضرًا في علم الحروب التكتيكي بالمدرسة الحربية.
قام روميل بتأليف كتاب يتضمن خططًا عسكرية حربية تتسم بالكثير من الدهاء والحنكة، ووضع به خبراته العسكرية خلال الحرب العالمية الأولى، وخلال فترة حياته الأولى صعد في العديد من الترقيات حتى أصبح رئيس المدرسة العسكرية في “باينا نوشنال”.
صعد هتلر إلى الحكم في يناير 1933م، وعرف روميل بإخلاصه الشديد لألمانيا، وولائه لهتلر قائدها، وقد أثار روميل إعجاب هتلر، الذي أصدر أوامره بتعيينه على قيادة الجيش في كل من النمسا وتشيكوسلوفكيا عام 1939م، وفي عام 1940م حقق روميل إنجازًا عسكريًّا آخر، عندما تمكن من اجتياح فرنسا، وأحرزت القوات الألمانية الكثير من الانتصارات على الساحة الأوروبية، وعقب اجتياح بولندا بدأت شرارة الحرب العالمية الثانية في الاندلاع.
روميل القائد المناسب:
رأى هتلر في روميل القائد المناسب ليرسله إلى شمال أفريقيا؛ لمساعدة حلفائه الإيطاليين في حماية مستعمرتهم الليبية ضد الهجمات البريطانية، فانتقل روميل من فرنسا؛ ليبدأ مهمة جديدة في الصحراء الأفريقية، وعُيِّن في منصب القائد الأعلى للقوات الألمانية هناك، وكانت مهمته إيقاف التقدم البريطاني، اشتهر روميل كقائد حربي من الطراز الأول لما كان يتمتع به من حنكة حربية، وتكتيك عسكري واستراتيجي، فكان متمكنًا من وضع الخطط الحربية، خاصة في معارك المدرعات.
خاض روميل في شمال أفريقيا عددًا من المعارك الناجحة، والتي ظهرت فيها براعته كقائد ومناور عسكري، وتمكن من استرداد ليبيا من بين أنياب البريطانيين، واستسلمت القوات البريطانية بطبرق في ليبيا، ووقع حوالي ثلاثون ألف جندي بريطاني في الأسر، وأتاح هذا النصر لروميل فرصة للتقدم بقواته، والزحف وراء البريطانيين إلى مصر، والتي كانت مركزًا للتواجد البريطاني بالمنطقة، وخلال ذلك رقي روميل إلى رتبة مارشال عام 1942م.
استمر تقدم روميل باتجاه مصر مكبدًا الجانب البريطاني خسائر كبيرة، حتى وصل إلى مرسى مطروح، ولم يبق على الوصول إلى الإسكندرية سوى 150 كيلو متر بعد انسحاب البريطانيين، وكان من الواضح أنه لم يبق الكثير أمام روميل وجنوده للوصول إلى العاصمة المصرية القاهرة.
معركة العلمين:
جاءت معركة العلمين لتشهد تغيرًا جوهريًّا في خط سير الحرب، فعقب سقوط طبرق أعلنت أمريكا مشاركتها في الحرب، فأرسلت إمداداتها إلى القوات البريطانية بشمال أفريقيا، وغيرها من إمدادات قوات الحلفاء، وأصبح يوجد تفاوت كبير بين القوات الألمانية والبريطانية؛ حيث حصلت الأخيرة على الكثير من الإمدادات، وسيطر الحلفاء على الحرب جوًّا وبرًّا، بالإضافة لتمكنهم من اختراق الشفرات الألمانية، وكشف خططهم، وانقلب الحال بالنسبة للجانب الألماني، ولم يتمكن روميل من صد الهجوم البريطاني، وبدأ التراجع، وعلى الرغم من ذلك، وعلى الرغم من قلة الإمدادات المتاحة لروميل، كان هتلر مصرًّا على التوسع، وإتمام الحرب حتى آخر جندي، ودفع روميل للاستمرار، وتوالت المواجهات العنيفة بين روميل ومونتجمري القائد البريطاني.
انتقل روميل إلى ألمانيا بعد أن نال منه التعب والإرهاق الجسدي والنفسي، إلا أنه كان على استعداد للعودة مرة أخرى إلى أرض المعركة في شمال أفريقيا في أي وقت، وفي ألمانيا اطلع روميل على الأوضاع السياسية المتدنية، والجرائم التي ترتكب بألمانيا، والتي كان بعيدًا عنها؛ حيث إن قادة الجيش خلال فترة حكم هتلر كانوا بعيدين عن المجريات السياسية بالدولة، فكانوا لا يشاركون سياسيًّا بأي شكل من الأشكال.
تعقدت الأمور أكثر في شمال أفريقيا عقب سفر روميل، فشن مونتجمري العديد من الهجمات، وقُتل قائد القوات الألمانية الذي حل محل روميل أثناء فترة تواجد الأخير في ألمانيا، ولم يجد هتلر سوى أن يستدعي روميل للعودة مرة أخرى إلى أرض المعركة بالشمال الأفريقي، ولكن أشتد الهجوم من الجانب البريطاني مخترقًا دفاعات الألمان، ولم يجد روميل أمامه سوى الانسحاب في نوفمبر 1942م، وظلت مطاردات قوات الحلفاء لقوات المحور من الإيطاليين والألمان، وتم الاستسلام نهائيًّا في السابع من مايو 1943م.
وفاة الثعلب:
عندما علم هتلر بأمر الانسحاب اشتد غضبه، واتهم روميل بالخيانة، فأرسل إليه يخبره: إما أن ينتحر ويضمن سلامة أسرته، أو يتم محاكمته بتهمة الخيانة العظمى، واختار روميل أن ينهي حياته بنفسه، فتجرع السم؛ لتنتهي حياة ثعلب الصحراء بعد أن حظي بشعبية كبيرة، سواء على مستوى ألمانيا، أو المستوى الدولي.
تُوِفِّي روميل في الرابع عشر من أكتوبر 1944م، عن عمر يناهز 53 سنة، وصدرت شهادة وفاته مزورة، معلنة سبب الوفاة تعرضه لأزمة قلبية.
كان الوحيد من القادة الألمان الذين توقعوا الإنزال في النورمندي، غير أنه لم يتح له الوقت الكافي لتعزيز الدفاعات هناك، و لسوء الحظ فإنه كان مصاب بجرح نتيجة غارة جوية قبل الإنزال في النورمندي، وكان خارج قيادته يعالج عند حدوث الإنزال، تمامًا كما كان قبل هجوم العلمين شمال غرب مصر يتعالج من مرض اليرقان الذي أصيب به في شمال أفريقيا.

Blogroll

توفيق الحكيم
 احسان عبد القدوس
محمد حسانين هيكل
 اجاثا كريستي
توفيق الحكيم
 احسان عبد القدوس
محمد حسانين هيكل
 اجاثا كريستي
توفيق الحكيم
 احسان عبد القدوس
محمد حسانين هيكل
 اجاثا كريستي