•  الشاعر نزارقباني
  •  
 الكاتب يوسف القعيد
  •  الدولة الأموية
  •  الخلافة الراشدة

ابن رشد ( شارح أرسطو و مُعلم الغرب )


سيرة حياته :هو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد، ولد في قرطبة بالأندلس ( اسبانيا الآن ) سنة 520 هجري الموافق 1126 ميلادي ، كان أبوه أحمد قاضياً و كان جدُّهُ قاضي القضاة فنشأ ابن رشد
في أسرة تشغل المناصب السياسية .
عندما بلغ الحادية عشر كان قد أتمَّ حِفظ القُرآن الكريم، و ما إن وصل سن الخامسة عشر حتى كان قد أتمَّ دراسة علوم الفقه و اللاهوت و الحديث و التفسير و الأصول من أبيه، و درس أيضاً اللغة و الكلام و الأدب من عُلَماء قُرطُبَة آنذاك .
و لم يكتَفِ ابن رشد بذلك، بل درس أيضاً الطب و الرياضيات و الفلسفة و المنطق و الفيزياء على يدي أبي جعفر بن هارون الترجاني الطبيب المشهور، و على يدي أبي مروان بن جربول البلنسي أحد الأطباء، و أيضاً علي يدي ابن طفيل الفيلسوف .
و ما إن بلغ العشرين من العمر حتى تقدم لنيل الإجازات العلمية من أساتذته في علوم الدين و الكلام و الفلسفة و المنطق و الطب و الرياضيات فنالها جميعاً في حشد هائل من العلماء و الطلاب و ذوي المناصب العالية .
بعدما نال ابن رشد معرفة واسعة في جميع العلوم بدأ بدراسة و قراءة كتب العلماء، فقرأ كتاب القانون في الطب لابن سينا والحاوي في الطب للرازي و قرأ كتب الفارابي الفلسفية و أرسطو حتى نال المعرفة الواسعة في الطب و الفلسفة، فبدأ التلاميذ بالإقبال عليه ينهلون من معرفته الواسعة في الطب والفلسفة ، و بدأ ابن رشد بالحذو كحذوالرازي فبدأ يُعالِج الفقراء بدون أجر .
بعد مدة من الزمن تولى منصب السلطان أبو يعقوب بن يوسف زعيماً للموحدين، و اختار له وزيراً فيلسوفاً و طبيباً خاصاً و هو ابن طفيل، أستاذ ابن رشد ، و زار ابن طفيل ابن رشد في بيته و أغراه بالسفر معه إلى مراكش ليُقدِّمُهُ إلى السلطان أبي يعقوب فوافق ابن رشد و خرج مع صديقه إلى مراكش.
يقول ابن رشد :
" دخلت على أمير المؤمنين أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن زعيم دولة الموحدين فوجدته هو و ابن طفيل ليس معهما أحد ، فأخذ ابن طفيل يُثني علي و يذكر بيتي و سلفي و يضُم إلى ذلك أشياء لا يبلغها قدري، فكان أول ما فاتحني به بعد أن سأل عن اسمي و نسبي أن قال لي : ما رأيك في الموجودات، أقديمة هي أم حادثة ، فأدركني الحياء و الخوف و أخذت أتعلل و أُنكِر اشتغالي بعلم الفلسفة – و لم أكن أدري ما قرر معه ابن طفيل – ففهم أمير المؤمنين خوفي و حيائي فالتفت إلى ابن طفيل و جعله يتكلم عن المسألة التي سألني فيها و يذكر ما قاله أرسطو و أفلاطون و جميع الفلاسفة، و يورِد مع ذلك احتجاج أهل الإسلام عليهم، فرأيت منه غزارة حِفظ لم أجدها في أحد المُشتَغِلين بهذا الشأن المُتفرِّغِين له ، و لم يزل يُباسطني حتى تكلمت، فعَرِفَ ما عندي من ذلك فلما انصرفت أكرمني ، و بعد هذه المقابلة استدعاني ابن طفيل فقال لي : سمعت أمير المؤمنين يشتكي من قلق عبارة أرسطو و عبارات المترجمين عنه و يذكر غموض أغراضه و يقول : لو وجد لهذه الكتب من يُلخِّصُها و يُقرِّب أغراضها بعد أن يفهمها فِهماً جيداً لقــــــرّب مأخذها على الناس ، فإن كان فيك فضل قوة لذلك فافعل و إني لأرجو أن تفي به لما أعلمه من جودة ذهنك وصفاء قريحتك و شدة نزوعك إلى هذه الصناعة ، و ما يمنعني من ذلك إلا ما تعلمه من كبر سني و اشتغالي بالخدمة و صرف عنايتي إلى ما هو أهم عندي منه "
يقول ابن رشد : 
" فكان هذا الذي حملني على تلخيص ما لخَّصته من كُتُب الحكيم أرسطو طاليس و شرح ما شرحت "
و كان ابن رشد قد بلغ من العمر تسعة و عشرون عاماً. و بعدما أنهى ابن رشد ما طلبه منه ابن طفيل أراد أن يعود إلى قرطبة، فودَّعَهُ السلطان أبو يعقوب و وزيره ابن طفيل و زوَّد السلطان ابن رشد بأن أعطاهُ مالاً و ألبسه لِباس السلاطين و أعطاه جواداً أصيلاً و أجرى عليه راتباً سنوياً لا ينقطع .
خلال الثلاثة عشر سنة التي تلت وصول ابن رشد إلى قرطبة كان ابن رشد قد أنجز عروضه لكُتُبِ فلاسفة اليونان و الإسلام و تعليقاته عليها، بل و لكتب أطبائهم و علماء الفلك و الحيوان في جوامِع عُرِفَت بإسم جوامع أرسطو و أفلاطون و جالينوس و أهداها إلى السلطان أبي يعقوب .
وفي عام 563 هجري الموافق 1169 ميلادي توفي والد ابن رشد فحزن ابن رشد كثيراً و انقطع عن التأليف و أراد أن يحقق أُمنية أبيه بأن يُصبِحَ قاضياً كأبيه و جدِّه ، فبعث إلى ابن طفيل يطلُب منهُ أن يُعيِّنَهُ قاضياً، فأوعز ابن طفيل للسلطان أبي يعقوب فعيَّنَ ابن رشد قاضياً لأشبيلية ، فغادر ابن رشد إلى أشبيلية ليستلم مهامُهُ القضائية .
كان ابن رشد قد بلغ من العمر 44 عاماً حين وصل إلى اشبيلية و بدأ مهامُهُ القضائية، حاذياً حذو أبيه و جدِّه و لكنه لم ينقطع عن التأليف حتى أتم مشروعه الفلسفي الهائل الذي كلَّفَهُ به ابن طفيل و السلطان أبي يعقوب و ختم إنجازه هذا بكتاب في الفقه أسماه ( المُقدِّمات ) .
وبعد عشر سنين من تولي ابن رشد القضاء، أصدر السلطان أمراً بتعيين ابن رشد قاضياً للجماعة ( قاضي القضاة ) فعاد إلى قرطبة و توجَّه إلى دار الحكم ( القضاء ) مُباشِراً بعمله كقاضي القضاة . وبعد مدة قصيرة أُضيفَ منصب جديد لابن رشد، فقد أصبح الطبيب الأول الخاص بالسلطان أبي يعقوب، و أمَرَهُ السلطان بأن يبقى في قُرطُبة لا يغادرها إلى مراكش إلا بدعوة من السلطان لعلاجه أو علاج أحد من أهل قصره .
و بعد عامان أصاب ابن طفيل مرض عُضال فبعث إلى ابن رشد ، وع ندما أتى ابن رشد رحَّبَ به السلطان و ادخلهُ إلى ابن طفيل الراقد على سريره ليحاول مُداواتِهِ و لكن لا أمل، فمرضُهُ عضال ، و في الصباح لفظ ابن طفيل أنفاسه الأخيرة فحزن ابن رشد و السُلطان حُزناً شديداً و ازداد الحزن على ابن رشد عندما مَرِضَ السُلطان بِمرض عضال و بقي ابن رشد يحاول مداواته و لا يفلح في علاجه حتى توفي بعد شهور من موت ابن طفيل ، فعاد ابن رشد إلى قرطبة .
وبعد أعوام قليلة وضع ابن رشد كتابه الضخم في الطب ( الكليات في الطب ) و لكنه لم يكُن راضياً عن نفسه ، دخل ابن رشد مكتبته و خلال السنوات العشر التالية من عمره وضع ابن رشد 4 كتب دُفعةً واحدة، أوَّلُها هو ( تهافُت التهافُت ) و هو كتاب فلسفي و أيضاً كتاب ( الكشف عن مناهج الأدِلَّة في عقائد المِلة ) و هو في تفسير نصوص قرآنية ، و آخر هو ( فصل المقال فيما بين الشريعة و الحكمة من الاتصال ) و هو في علم الكلام ، و الأخير ( بداية المجتهد و نهاية المقتصد ) و هو في الفقه الإسلامي ، و نَسَخَهُ النسَّاخون و نشروه في أرجاء الأندلس، و أحدثت هذه الكتب غيظاً مكتوماص لدى الحاقدين على ابن رشد، و باتوا ينتظرون الفرصة المُناسِبة للإيقاع به عند السلطان الجديد ( أبو يوسف يعقوب بن يوسف ) .
بدأ التلامذة يأتون إلى ابن رشد من كل أرجاء الأندلس و المغرب العربي، فقد انتشر صيته عالياً بين العلماء كافة بعد نشر كُتُبِهِ الأخيرة، و من بين هؤلاء التلامذة التلميذ ( أبو محمد عبد الكبير ) الذي أصبح قاضياً بُمساعدة ابن رشد و الذي ترأس قيادة خصوم ابن رشد .
وبعد عامين أتى السلطان أبو يوسف إلى قُرطُبة ليعُد العدة و يجهز الجيوش لمعركة فاصلة مع ألفونسو التاسع في موقعة الأرك ، فانتهز الفُقَهَاء فرصة حاجة السلطان إليهم للدعوة على الجهاد فجعلوا بينهم و بين أنفسهم ثمناً لذلك رأس ابن رشد، و دبر لهم الخطة في تمثيلية مُحكمة أمام السلطان ( أبو محمد عبد الكبير ) رئيس خصوم ابن رشد فقدموا للسلطان و ابن رشد في المجلس حاضر ورقة من كتابه الحيوان، زعموا أنها بخطه مكتوب فيها عن السلطان أنه ملك البربر و قد شَهِدَ عليها مائة شاهد و أكد ابن رشد بأنها ليست بِخَطِّه ، و قدَّم ابن رشد ورقة أخرى بخطه مذكور فيها ملك البرَّين .
و قالوا عنه أنه قال في كتابه الكليات : " من اشتغل بعلم التشريح ازداد إيمانا بالله " فلم ينكر ابن رشد ما كتبه ودافع عنه فمعرفة تكوين الكائنات يزيد الإيمان و يُثبِّتهُ .
وقالوا عنه أنه كتب في أحد كتبه أن " الزهرة إحدى الآلهة " فقال ابن رشد : "هكذا كان يعتقد الأولون " و انه لا يعتقد ذلك وإنما حكى مُعتقدات السابقين.
و رأى السلطان التمثيلية مُضحِكة الاتهامات و أدرك بأنه بحاجة للجميع في مواجهته الفرنجة وأنها ليست محنة ابن رشد لوحده فأصدر حُكماً بنفي ابن رشد إلى اليشانه و هي مدينة صغيرة أكثر سكانها من اليهود.
ساند الفقهاء و القضاة الطامعون بمنصب ابن رشد السلطان بمعركة الأرك نتيجة حُكمِه و انتصر السلطان أبا يوسف على جيوش ألفونسو .
حرك خصوم ابن رشد الوعاظ في المساجد ضده و الشعراء و الوشاحين و الزجالين، فهُجيَّ في أرجاء قرطبة و إتُّهِمَ بأنه يهودي الأصل و مخروف العقل و جمعوا ما استطاعوا جمعهُ من كتبه و حرقوها في ميادين قرطبة و اشبيلية.
وفاة ابن رشد :
ومضت ثلاثة سنين على ابن رشد في اليشانه حينما أتاه السلطان أبو يوسف إلى اليشانه و صحب معه ابن رشد إلى مراكش و اعتذر له و أعاد إليه منصبيه و لم يمضي على ابن رشد ثلاثة أشهر في مراكش حتى وافته المنية عن عمر يناهز اثنتين وسبعين عاماً بسبب أوجاع في المفاصل سببها حمى أصابته في صباه و لم يتعافى منها تماماً، و كانت وفاته عام 595 هجري الموافق 1198 ميلادي ومضى في جنازته السلطان و مجموعة صغيرة من أصدقائه و نُقِلَ إلى قرطبة بعد وفاته ليُدفَن مع أبيه وجده .
ألقابه :
لُقِّبَ أبو الوليد محمد بن أحمد بألقاب كثيرة منها، آخر الفلاسفة، و شارح أرسطو، و المُعقِّب، و مُعلِّم الغرب، و لُقِّبَ بابن رشد، و غيرها من الألقاب .
مؤلفات ابن رشد :
لابن رشد الكثير من المؤلفات، فلقد أحصى جمال الدين العلوي عدد الكتب والرسائل التي ألفها 108 مؤلف، وصلنا منها ثمانية و خمسين كِتاباً بِنصِّهِ العربي و نستذكر منها ما يلي :
1 كتاب الكليات ألفه عام 1162
2 شرح الأرجوزة المنسوبة لابن سينا في الطب و ألفها عام 1180
3 تلخيص كتاب المزاج لجالينوس
4 تلخيص كتاب العلل و الأمراض لجالينوس
5 تلخيص كتاب الأدوية المفردة لجالينوس
6 مقالة في حميات العفن
7 مسألة في نوائب الحمى
8 مقالة في الترياق
9 كتاب تهافت التهافت وألفها عام 1181 ميلادي
10 البحث فيما ورد في كتاب الشفاء عما وراء الطبيعة
11 مقدمة الفلسفة ( 12 رسالة )
12 شرح كلام ابن باجة في اتصال العقل المنفصل بالإنسان
13 نقد الفارابي في التحليلات الثاني لأرسطو
14 القسم الرابع من وراء الطبيعة أنهاه عام 1194
15 رسالة في تركيب الأجرام
16 كتابان في الاتصال
17 كتاب الكون
18 الضروري في المنطق
19 كتاب مختصر المنطق
20 فصل المقال
21 بداية المجتهد ونهاية المقتصد ألفه عام 1168
22 الحيوان
23 الشرح الصغير للجزيئات والحيوان
24 الشرح الكبير للطبيعة
25 الشرح الوسط للأخلاق
26 شرح جالينوس
27 الطبيعة والسماء
28 الكسب الحرام
29 كتاب الخراج
30 الدعاوي (3 مجلدات)
31 تلخيص كتاب الاستقصات لجالينوس
32 مقالة في حركة الفلك
33 مقالة في العقل
34 الكشف عن مناهج الأدلة في عقائد الملّة و ألفه عام 1179
35 تلخيص القياس ألفه عام 1166
36 تلخيص الجدل وقد ألفه عام 1168
37 جوامع الحس والمحسوس وألفه عام 1170
38 كتاب تلخيص الجمهورية و ألفه عام 1177
39 مقالة في العلم الإلهي وألفها عام 1178
40 شرح البرهان وألفها عام 1183 ميلادي
41 شرح السماء والعالم ألفه عام 1188
42 شرح كتاب النفس ألفها عام 1190
43 تلخيص كتاب التعرق لجالينوس.
و غيرها الكثير .
رَحِمَهُ الله فهذا عالِماً لا يُستغنى عنه

Blogroll

توفيق الحكيم
 احسان عبد القدوس
محمد حسانين هيكل
 اجاثا كريستي
توفيق الحكيم
 احسان عبد القدوس
محمد حسانين هيكل
 اجاثا كريستي
توفيق الحكيم
 احسان عبد القدوس
محمد حسانين هيكل
 اجاثا كريستي