👈أبو بكرة الثقفي الطائفي -رضي الله عنه- مولى النبي صلى الله عليه وسلم، اسمه نفيع بن الحارث، وقيل: نفيع بن مسروح، تدلى في حصار الطائف ببكرة، وفر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلم على يده، وأعلمه أنّه عبد، فأعتقه.
روى جملة أحاديث، حدث عنه بنوه الأربعة: عبيد الله، وعبد الرحمن، وعبد العزيز، ومسلم، وأبو عثمان النهدي، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وعقبة بن صهبان، وربعي بن حراش، والأحنف بن قيس، وغيرهم، سكن البصرة، وكان من فقهاء الصحابة ووفد على معاوية، وأمه سمية، فهو أخو زياد بن أبيه لأمه.
قال ابن المديني: اسمه نفيع بن الحارث، وكذا سماه ابن سعد. قال ابن عساكر: أبو بكرة بن الحارث بن كلدة بن عمرو، وقيل: كان عبدًا للحارث بن كلدة ، فاستلحقه، وسمية: هي مولاة الحارث، تدلى من الحصن ببكرة، فمن يومئذ كني بأبي بكرة. وممن روى عنه: ولداه رواد، وكيسة، وكان أبو بكرة ينكر أنه منولد الحارث، ويقول: أنا أبو بكرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن أبى الناس إلا أن ينسبوني، فأنا نفيع بن مسروح.
وقصة عمر مشهورة في جلده أبا بكرة ونافعًا وشبل بن معبد، لشهادتهم على المغيرة بالزنى، ثم استتابهم، فأبى أبو بكرة أن يتوب، وتاب الآخران، فكان إذا جاءه من يُشهده يقول: قد فسقوني. قال البيهقي: إن صح هذا، فلأنه امتنع من التوبة من قذفه، وأقام على ذلك، قلت: كأنه يقول: لم أقذف المغيرة، وإنما أنا شاهد، فجنح إلى الفرق بين القاذف والشاهد، إذ نصاب الشهادة لو تم بالرابع، لتعين الرجم، ولما سموا قاذفين.
قال أبو كعب صاحب الحرير حدثنا عبد العزيز بن أبي بكرة، أن أباه تزوج امرأة، فماتت، فحال إخوتها بينه وبين الصلاة عليها، فقال: أنا أحق بالصلاة عليها، قالوا : صدق صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إنه دخل القبر، فدفعوه بعنف، فغشي عليه، فحمل إلى أهله، فصرخ عليه عشرون من ابن وبنت، وأنا أصغرهم، فأفاق، فقال: لا تصرخوا فوالله ما من نفس تخرج أحب إليّ من نفسي، ففزع القوم، وقالوا: لم يا أبانا؟ قال: إني أخشى أن أدرك زمانًا لا أستطيع أن آمر بمعروف ولا أنهى عن منكر، وما خير يومئذ. هذا من معجم الطبراني.
وعن ابن مهدي: حدثنا أبو خشينة، عن عمه الحكم بن الأعرج، قال: جلب رجل خشبًا، فطلبه زياد، فأبى أن يبيعه، فغصبه إياه، وبنى صفة مسجد البصرة، قال: فلم يصل أبو بكرة فيها حتى قلعت. وعن ابن إسحاق: عن الزهري، عن سعيد، أنّ عمر جلد أبا بكرة، ونافع ابن الحارث، وشبلاً، فتابا فقبل عمر شهادتهما وأبى أبو بكرة، فلم يقبل شهادته وكان أفضل القوم.
وعن سفيان بن عيينة عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه قال: لما جلد أبو بكرة، أمرت جدتي أم كلثوم بنت عقبة بشاة فسلخت ثم ألبس مسكها، فهل ذا إلا من ضرب شديد؟
و عن سليمان الأنصاري، عن الحسن، عن الأحنف، قال: بايعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه فرآني أبو بكرة وأنا متقلد السيف، فقال: ما هذا يا ابن أخي؟ قلت: بايعت عليًّا. قال: لا تفعل، إنهم يقتتلون على الدنيا; وإنما أخذوها بغير مشورة.
وقال هوذة: حدثنا عوف، عن أبي عثمان النهدي قال: كنت خليلاً لأبي بكرة، فقال لي: أيرى الناس أني إنما عتبت على هؤلاء للدنيا وقد استعملوا ابني عبيد الله على فارس، واستعملوا روادًا على دار الرزق، واستعملوا عبد الرحمن على بيت المال; أفليس في هؤلاء دنيا؟ إني إنما عتبت عليهم لأنهم كفروا.
وقال هوذة أيضًا: وحدثنا هشام، عن الحسن ، قال: مر بي أنس، وقد بعثه زياد بن أبيه إلى أبي بكرة يعاتبه، فانطلقت معه، فدخلنا عليه، وهو مريض، وذكر له أنه استعمل أولاده، فقال: هل زاد على أنه أدخلهم النار؟ فقال أنس: إني لا أعلمه إلا مجتهدًا، قال : أهل حروراء اجتهدوا، أفأصابوا أم أخطئوا؟ فرجعنا مخصومين.
وعن ابن علية: عن عيينة بن عبد الرحمن، عن أبيه قال: لما اشتكى أبو بكرة، عرض عليه بنوه أن يأتوه بطبيب، فأبى، فلما نزل به الموت، قال : أين طبيبكم؟ ليردها إن كان صادقًا! وقيل: إنّ أبا بكرة أوصى، فكتب في وصيته: هذا ما أوصى به نفيع الحبشي، وساق الوصية. قال أبو سعد مات أبو بكرة في خلافة معاوية بن أبي سفيان بالبصرة. فقيل : مات سنة إحدى وخمسين وقيل: مات سنة اثنتين وخمسين قاله خليفة بن خياط وصلى عليه أبو برزة الأسلمي الصحابي. وروينا عن الحسن البصري قال: لم ينزل البصرة أفضل من أبي بكرة، وعمران بن حصين.
وعن المغيرة: عن شباك عن رجل، أن ثقيفًا سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرد إليهم أبا بكرة عبدًا، فقال: لا، هو طليق الله وطليق رسوله.🙋